إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الآجرومية
97956 مشاهدة
العلامة الأولى: الفتحة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- وللنصب خمس علامات: الفتحة والألف والكسرة والياء وحذف النون.
فأما الفتحة فتكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد وجمع التكسير والفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شيء.
وأما الألف فتكون علامة للنصب في الأسماء الخمسة نحو: رأيت أباك وأخاك وما أشبه ذلك.
وأما الكسرة فتكون علامة للنصب في جمع المؤنث السالم.
وأما الياء فتكون علامة للنصب في التثنية والجمع.
وأما حذف النون فيكون علامة للنصب في الأفعال التي رفعها بثبات النون.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد هذه علامات النصب قال: وللنصب خمس علامات؛ الفتحة والألف والكسرة والياء وحذف النون؛ قدم الفتحة لأنها الأصل وثنى بالألف لأنها تنشأ عن الفتحة إذا أشبعت، وثلث بالكسرة لأنها أخت الفتحة في المد واللين، وربع بالياء لأنها تنشأ عن الكسرة إذا أشبعت وختم بحذف النون لبعد مشابهتها.

الفتحة حركة فيها انفتاح الفم قليلا من غير مبالغة، والمبالغة تسمى مدا ينشأ عنها ألف، ذكر أن الفتحة تكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد وجمع التكسير والفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شيء.
وقد تقدم تعريف الاسم المفرد يعني الاسم الفرد الواحد سواء كان اسما لشخص واحد أو اسما لجنس أو اسما يطلق على علم من الأعلام، فإنه إذا نصب نصب بالفتحة إذا كان غير معتل، فتقول مثلا: دخلت المسجد، المسجد منصوب بالفتحة الظاهرة، وكلمت الرجل وقرأت السورة ورأيت زيدا وخلعت ثوبا وجلست أو نظرت أو رأيت أو أبصرت، وله من الأفعال المتعدية فالفعل المتعدي ينصب الاسم، وبنصبه تدخل عليه الفتحة تكون علامة نصبه الفتحة إن هذا الاسم المفرد.
وأما جمع التكسير فقد تقدم أيضا تعريفه؛ وسمي بذلك لأن حروف مفرده تغيرت أي تكسرت حروف مفرده؛ مثل رجل فتقول رأيت الرجال وقرأت الكتب ودخلت المساجد وكلمت القوم، فتقول القوم منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة المساجد منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة والرجال والكتب وما أشبه ذلك الفتحة الظاهرة في آخره علامة على أنه منصوب.
كذلك الفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شيء فإنه ينصب بالفتحة الظاهرة، وسيأتينا في باب الأفعال إن شاء الله ذكر النواصب وأنها عشرة فإذا دخل واحد منها على الفعل المضارع انتصب الفعل المضارع فقوله تعالى: حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى يرجع منصوب بحتى وإن كانت منصوبة بأن مضمرة وقوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ تقول منصوب بأن لأنها من النواصب، وقوله: فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ لن أبرح، أبرح: منصوب بلن لأنه فعل مضارع دخل عليه ناصب وهكذا ما يشابه ذلك من الأفعال، إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شيء. فإن اتصل بآخره حرف علة أو نحوه أو ضمير فإنه لا يظهر عليه النصب بالفتحة؛ فقد تتصل به نون التوكيد، مثل: لن تدخلن، ولن تخرجن؛ النون هذه تسمى نون التوكيد لَنَسْفَعًا هذه نون التوكيد الخفيفة.
وكذلك قوله: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا هذه تسمى نون التوكيد خفيفة وثقيلة، ومثله نون النسوة؛ النسوة يقمن ويدخلن ويقلن إذا دخل عليه ناصب فإنه لا تظهر عليه العلامة، فتقول: إنهن لن يدخلن ولن يخرجن، فهذه العلة التي في آخره منعت أن تظهر عليه الحركة - حرف العلة - إذا دخل عليه حرف علة أو كذلك اتصل به ضمير، وقد تقدم ذكر حروف العلة. حرف العلة؛ مثل: يغزو لكن يغزو يظهر عليه الفتح، فتقول: لن تغزو، ومثل يخشى لا تظهر عليه الفتحة لن تخشى ولن تسعى فالحاصل أن فعل المضارع منصوب بالفتحة إلا إذا اعتل أو دخل على آخره ما يمنع ظهور الفتحة. هذه ثلاثة أشياء فالفتحة تكون علامة للنصب في ثلاثة مواضع في الاسم المفرد وجمع التكسير والفعل المضارع إذا دخل عليه ناصب ولم يتصل بآخره شيء.